ماذا استفاد المغرب من حرب التحرير الريفية؟
بقلم محمد إبراهيم بن أحمد الكتاني
وهو العرض تاريخي القيم الذي قدمه المجاهد محمد ابراهيم الكتاني للمهرجان الذي اقامه حزب الاستقلال احياء المجاهدَين محمد بن عبد الكريم الخطابي وأخيه امحمد رحمهما الله عشيه يوم الجمعة 24 يناير 1969 م.
تحول العَلم الشخصي للدلالة على فكرة
ظروف قيام الحرب الريفية
من ذكريات الطفولة
تأسيس الجمعيات الوطنية السرية في المغرب واهتمامها بحرب التحرير
اهتمام المغاربة بأخبار الحرب
تصريحات الوزير الفرنسي بانلوفي في مجلس النواب
الشعراء المغاربة يتناولون موضوع الحرب
نشاط الدعوة السلفية
رد فعل السلطات الاستعمارية
تصريح ابن عبد الكريم عند مغادرته المغرب وتحقيق الحركة الوطنية لما امله في امته
الاتفاق - داخل السجن - عند القيام الحرب الثانية على المطالبة بالاستقلال
الحركة الوطنية المغربية قامت من اول يوم على اساس نبذ الواقع الاستعماري
لم ينس المناضلون بطل حرب التحرير
تأثير الحرب الريفية في انحاء العالم الاسلامي وتهديدها للاستعمار في كل مكان
اجمال نتائج الحرب الريفية
إحياء ذكرى الرجل الفكرة
تحول العَلم الشخصي للدلالة على فكرة
من الناس من لا يبقى اسمهم علما يدل على شخص معين، بل يصير اكثر من ذلك علما لفكرة خاصة.
فاسم طارق بن زياد يدل على قصة الوجود الاسلامي المغربي مدة ثمانية قرون بالفردوس الأندلسي المفقود، وما حققه من معجزات في ميدان الحضارة، اكثر مما يدل على شخص لا تعرف عنه كتب التراجم الا بضعة اسطر!
واسم صلاح الدين الايوبي يدل على تطهير ارض فلسطين الاسلامية العربية - خصوصا المسجد الاقصى المبارك - من رجس الصليبيين البغيض، اكثر مما يدل على شخص السلطان الايوبي.
واذا كان اسم عبد الكريم الخطابي يدل في نطاق الاسرة الخطابية على اب الاخوين محمد الكبير وامحمد الصغير فان هذه الاسماء الثلاثة تدل عند العالم اجمع على شيء واحد هو حرب التحرير الريفية بخوارقها الباهرة، وانتصاراتها الأسطورية، التي يعسر على الفكر تصديقها مهما استسلم للوهم واغرق في الخيال! وما يعبر عنه كل ذلك من رفض بات للوجود الاجنبي في المغرب باي وجه وعلى اي حال
.
ظروف قيام الحرب الريفية
واذا نحن القينا نظرة على الظروف الداخلية والخارجية وقت قيام حرب التحرير الريفية فإننا نجد انها قامت بعد فترة مظلمة من تاريخ المغرب، نجحت فيه الدسائس الاستعمارية في اشعال نيران الحروب والفتن الداخلية بين المغاربة نتيجة لضعف الوعي الوطني عند كثير من المواطنين، وباءت بالفشل جميع الجهود التي بذلتها الدبلوماسية المغربية لإحباط دسائس المستعمرين ومكائدهم.
فنجحوا في الاتفاق فيما بينهم هل تقسيم الغنائم...
ونجحوا في اقتطاع جزء شاسعا من جسم الوطن المغربي في الشمال والجنوب والشرق
،
ونجحوا في الحصول على معاهدة الحماية
،
وفي تكوين جهاز اجنبي للحكم بيده كل شيء، يحميه جيش جرار من الفرنسيين والمرتزقة الأجانب ومن ابناء المستعمرات وبعض المشردين
،
يعينه جيش من التراجمة والجواسيس من أبناء افريقيا الشمالية،
ويتعاون معه أصحاب المصالح والاغراض الشخصية من المغاربة الذين جعل من بعضهم ولاة صوريين ليس بأيديهم من الامر شيء. مما خيل معه للمستعمرين ان الامر قد تم لهم في المغرب، كما تم لهم في بعض المستعمرات الاخرى التي لم يتركوا فيها عرقا ينبض بالحياة! فجاءت حرب التحرير الريفية، بقيادتها الرشيدة الحكيمة، المعيدة افق التفكير، ودبلوماسيتها البارعة وايمانها القوي المتين بالله، واحترامها للقوانين الحربية الدولية، رغم دوس العدو لها، وبتنظيمها المحكم، وانتصاراتها الخارقة، تكذب ظنونهم، وتبطل حساباتهم، وتثبت لهم خطأهم في التقدير!
من ذكريات الطفولة
واني تتقفز بي ذاكرتي بعيدا الى الوراء، حيث أرى - وانا طفل صغير - والدي ابا العباس أحمد بن جعفر الكتاني رحمه الله لا يفتر عن الدعاء للمجاهدين في الريف بالنصر والتأييد، وتمنى الشهادة في صفوفهم.
ومع ما كان عليه رحمه الله من شدة الانقباض والعزلة عن الناس، بحيث لا يشتغل إلا بالتدريس والوعظ، والتأليف والعبادة، بعيدا أشد البعد عن الاهتمام بأخبار الدنيا وما يجري فيها، ولا يجرؤ أحد ممن يتصلون به عن الحديث معه في شيء من ذلك، فإن أخبار المجاهدين في الريف كانت تستثير اهتمامه لدرجة كبيرة، ولكن الاجل فاجأه رحمه الله وحرب التحرير ما تزال في اوائلها
.
تأسيس الجمعيات الوطنية السرية في المغرب واهتمامها بحرب التحرير
واثناء قيام حرب التحرير الريفية بدأ تأسيس الجمعيات السرية الوطنية بالمغرب، فأسسنا بفاس تحت رئاسة الاخ الاستاذ على الفاسي جمعية بالمدرسة الناصرية التي كان يديرها أحد تلامذة الوالد رحمه الله الاخ الاستاذ المكافح محمد غازي ذكره الله بالخير. وقد كنا نهتم بتتبع اخبار الحرب وترديد الاشاعات التي تروج حولها او اختلاقها. وكنا نخرج الى باب الفتوح بفاس لمشاهدة قوافل السيارات العائدة من ميدان المعركة محطة بالجرحى، وقوافل الجيوش الذاهبة الى الميدان، وكانت اصوات المدافع تسمع من فاس بوضوح، كما كانت الاسلاك الشائكة في قنطرة سبو قرب فاس، وكان البدو يسمونها اسلاك المجاهدين!
وقد كان شيخنا أبو العباس احمد بن المامون البلغيثي رحمه الله، من بين الاشخاص الذين كلفني اصدقائي في (جمعية المدرسة الناصرية) الاتصال بهم، وكان رحمه الله شديد الاهتمام بأخبار الحرب الريفية، فكنا اذا افرغنا من درس (جمع الجوامع) لابن السبكي في جامع (المنية) أتأخر معه لأخبره بما يروج من اخبار واشاعات عن سيرها، ولأسمع ما عنده من اخبار - وقد اتيته مرة بعدد من جريدة باريسية فيها صورة للبطل محمد بن عبد الكريم الخطابي رحمه الله، فصار يقبلها ويبكي ويدعو له بالنصر على الأعداء
.
وقد اسر الي مرة انه قرر الفرار الى الريف، وأنه اتفق مع شخص جبلي على أن يوصله الى المجاهدين
.
وكان شيخنا رحمه الله يناهز السبعين من عمره إذ ذاك، وقد عاش حياته كلها في البذخ والنعيم، وقضى جل عمره قاضيا في عدة مدن، ولكنه الايمان إذا خالطت بشاشته القلوب استهان بكل صعب، لكن انتهاء الحرب حال دون تحقيقه امنيته رحمه الله.
وكان صديقنا سيدي العزيز بن محمد بن علال الوزاني رحمه الله عضوا معنا في (جمعية المدرسة الناصرية) وكان له اتباع ومحبون في كثير من المدن والبوادي، وكانت له صلة قوية بالقائد الخلاّدي فاتفق معه على ان يقوم بتأسيس مدرسة حرة في قبيلته، وتم الاتفاق بالفعل مع المعلم الذي سيقوم بتسيير المدرسة، ولكن استفحال امر الحرب الريفية جعل القائد الخلادي يعد النظر في موقفه ولم يطل به الانتظار، فقد قررت السلطة الفرنسية محاربة الريفيين وطلبت من هذا القائد ان يجند متطوعين من قبيلته ويتولى قيادتهم فتظاهر بالموافقة، وطالب بالأسلحة والخيول، ولما وصل الى ساحة المعركة انضم الى صفوف المجاهدين بمن معه من متطوعين وعتاد، فجن جنون الفرنسيين وبطشوا بكل من كانت له صلة بالقائد.
واستدعى الجنرال الفرنسي حاكم فاس العسكري سيدي العزيز وطلب منه ان يرسل الى اصدقائه ومحبيه امرا بالتخلي عن المجاهدين والانضمام الى الفرنسيين على غرار ما فعله كثير من رؤساء الزوايا، فامتنع رحمه الله من تنفيذ الطلب، فمنعه الجنرال من التجول في البوادي والتفاف الناس حوله، فتخلى رحمه الله عن كل نشاط من هذا القبيل الى ان لقي الله
.
وكان صديقنا الاستاذ الحاج الحسن ابو عياد قد اسس مع بعض اصدقائه جماعة سرية اخرى موازية لجماعتنا الناصرية، فكانوا يوجهون رسائل لبعض الناس موقعة باسم البطل محمد بن عبد الكريم رحمه الله، تشتمل على اخبار انتصارات المجاهدين، وانهم يستعدون لمهاجمة فاس، وان على من وجهت اليه الرسالة ان يستعد لاستقبالهم والانضمام إليهم وتأييدهم
.
وكانت رسائل اخرى توجه الى بعض الخونة والمتعاونين، تتضمن تهديدهم وابعادهم، وكانت هذه الرسائل وتلك يطلع عليها اقارب من ارسلت إليهم ورفقائهم، فيكون لها صداها في المجتمع، ويصل بعضها الى الادارة الفرنسية فتحدث لها ولأنصارها بلبلة واضطرابا
.
اهتمام المغاربة بأخبار الحرب
وكان الناس يتتبعون اخبار الحرب باهتمام كبير، ويتناقلون عنها الاشاعات المختلفة التي كانت تنسب تارة لبعض الجبليين الواردين على المدينة، وتارة لبعض التراجم أو الموظفين رواية عن بعض الحكام الفرنسيين.
وكانت الجرائد التونسية تولي اخبار الحرب عناية بالغة، وكان بعض اعدادها يتسرب الى المغرب فيتلقفه الناس، ويتداول العدد الواحد الكثير من القراء. وكان بعض التجار يستخدمون في متاجرهم شبان يعرفون الفرنسية تولوا تنظيم علاقاتهم التجارية مع المعامل والشركات الأجنبية، فكان بعض التجار يحضر لترجمانه الصحف الفرنسية ليترجم له ما بها من اخبار الحرب
.
تصريحات الوزير الفرنسي بانلوفي في مجلس النواب
وفي 28 ماي 1924 أكد الوزير بانلوفي في مجلس النواب: ان فرنسا كانت مهددة بالاضطرار إلى إخلاء فاس، بل ومهددة ايضا بفقد كل المغرب الاقصى والجزائر وتونس كذلك!
وفي 3 غشت اعلن في خطاب جديد له: ان على فرنسا ان تدافع عن مركزها في المغرب الاقصى او ان تقبل فقدانها لكل شمال افريقيا وفي ظروف مهينة!
الشعراء المغاربة يتناولون موضوع الحرب
وقد قال الشعراء المغاربة في الحرب الريفية شعرا كثيرا، ولقد انشد الاخ الاستاذ علال الفاسي قصيدة من اوائل شعره يقول فيها:
لنا راية حمراء تطلب حقها وطالب حق كان اول غالب
تشير الى ان التمدن والعلا يكون بإهراق دماء المحارب
فسيروا الى صف الجهاد لتبلغوا لخدمة دين مبلغ للمآرب
وسيروا تنالوا النصر بالسيف عاجلا والاهل قاموا بين ذات الترائب
وعندما اخفقت الحرب جرت مساجلة طويلة بالمدرسة الناصرية بين كل من الاستاذ علال الفاسي والمرحوم المختار السوسي والمرحوم المدني بن عبد السلام العلوي. وقد شاع بعد ذلك ان بعض الادباء جمع ما قيل في موضوع الحرب الريفية في ديوان سماه (الريفيات).
نشاط الدعوة السلفية
وكان من اثر افتضاح امر المبتدعين الدجالين المتاجرين بالدين، الذين خانوا المجاهدين، وايدوا الاعداء الكافرين، ان نشطت الدعوة الى السلفية ومحاربة البدع الضالة، تخديرا للامة من الانخداع بتدجيل المارقين!
رد فعل السلطات الاستعمارية
هذا - ولم تكن السلطة الاستعمارية بغافلة عما يجري امام اعينها - فلم تكد تنتهي الحرب الريفية حتى نفت مدير المدرسة الناصرية الأستاذ محمد غازي من فاس ومنعت دخول الصحف التي تدعو الى السلفية الى المغرب، حتى ان فقيها شنقيطيا طبع بالقاهرة كتابا ضد احدى الطرق الشهيرة، ملأه بنصوص المحدثين والفقهاء والصوفيين على غرار كثير من الكتب الإصلاحية المؤلفة في مختلف العصور، ولكن القائد الأعلى لجيوش الاحتلال منعه من الدخول الى المغرب لأنه يخل بالأمن العام، ويضر بمصالح جيش الاحتلال.
تصريح ابن عبد الكريم عند مغادرته المغرب وتحقيق الحركة الوطنية لما امله في امته
وقد خيل للأعداء في غمرة عربدتهم بانتصارهم الماحق على الثورة التحريرية انهم قد قضوا على اخر امل للمغاربة في التحرر، ونجحوا في قتل روحهم المعنوية واستسلامهم لقدرهم المحتوم كما وقع لشعوب مستعمرة أخرى. ولكن البطل محمد ابن عبد الكريم رحمه الله صرح لاحد الصحفيين الاجانب عند ركوبه الباخرة الباخرة الى منفاه بقوله: (انني آمل ان تستفيد امتي من تجربتي) !
ولم يخيب جيل الثورة التي عاشرها، وساير احداثها، وعلق آمالا عريضة على نجاحها، وكادت صدمة فشل ان تفقده صوابه، وتحطم اعصابه امل البطل العظيم. فلم يلبث أن عاد الى رشده، وعلم انه مدعو لحمل الامانة ومواصلة العمل الذي ابتدأه المجاهدون الكرام
.
فلم تكد تمضي على كلمة البطل رحمه الله اربع سنوات حتى تطورت الحركة السلفية إلى حركة وطنية علنية، تتحدى المستعمر، وتثير له المشاكل المتعاقبة، وتستثير اعصابه، ويعرٍض افرادها انفسهم راضين مختارين لسياطه وسجونه ومنافيه، وما يتبع ذلك من تعذيب واضطهاد وحرمان. حيث يلتقون في سجونه بسلفهم من المجاهدين الذين حكمت عليهم المحاكم الاستعمارية بالسجن مدى الحياة، مع الاشغال الشاقة
.
ولا يكاد الوطنيون يخرجون من سجونهم ويرجعون من منافيهم حتى يشرعوا في الاستعداد للعودة اليها مره أخرى، وربما ساهموا - وهم داخل السجون - في الاستعداد للجولة المقبلة، والتهيئ للمرحلة التالية
.
الاتفاق - داخل السجن - عند القيام الحرب الثانية على المطالبة بالاستقلال
فقد اعلنت الحرب العالمية الثانية ونحن قريبون من انهاء السنتين المحكوم علينا بهما -وكانت هذه السجنة الرابعة لبعضنا - فعقدنا اجتماعا في السجن قررنا فيه الاستعداد – بعد خروجنا من السجن - للمطالبة بالاستقلال ولكن حقد المستعمر على بعضنا كان اعنف واعظم من ان يصبر على تركه خارج السجن وقتا طويلا، فأعاده اليه بالقرب، ولكن الذين بقوا احرارا نفذوا القرار الذي سبق ان اتخذناه منذ اربع سنوات داخل السجن.
الحركة الوطنية المغربية قامت من اول يوم على اساس نبذ الواقع الاستعماري
واذا كان الاستعمار قد نجح في بعض المستعمرات في ايجاد حركات تتمتع برضاه لاقتناعها بما تسميه بالواقعية، واكتفائها باستجداء بعض الجزئيات التافهة مع تسليمها - مبدئيا -بالوجود الاجنبي في بلادها فان الحركة الوطنية المغربية قامت منذ يومها الأول على اساس نبذ هذا الواقع وتحديه، والسعي المتواصل لتغييره، وكان المغاربة ينقسمون الى وطنيين مضحيين، والى وصوليين استغلاليين لا تهمهم الا مصالحهم الشخصية!
وبمجرد ما نجحت الحركة الوطنية المغربية في تأسيس مجلة (مغرب) في باريس باللغة الفرنسية ناطقة باسمها، ومعبرة عن أهدافها، شرعت في نشر سلسلة من المقالات حول بطلان معاهدة الحماية ووجوب الغائها
.
ثم كانت المطالبة بالإصلاحات كوسيلة للاستقلال، تعجيزا للمستعمر وفضحا لنواياه السيئة
.
ثم وقٍعت المطالبة بالاستقلال عندما وصل الوقت المناسب لهذه المطالبة، ثم تحقق هذا الاستقلال بفضل الله، ثم بفضل كفاح الملك واسرته المجاهدة والمخلصين من امته. وهكذا حققت الأمة المغربية امل بطلها الذي امله فيها ساعة مغادرته لترابها وبرهنت على انها اهل لبطلها العظيم، الذي ضحى من اجلها بكل شيء، ووهبها من الامجاد ما لم تطمع في مثيله اية امة من الامم
!
لم ينس المناضلون بطل حرب التحرير
هذا وان المناضلين لم ينسوا في غمرة كفاحهم وخضم معاركهم بطل الجهاد، الاسير في منفاه السحيق. فقد كانت دراسة تاريخ حرب التحرير الريفية والتعريف ببطلها من اهم موضوعات التربية الوطنية التي يتلقاها افراد التشكيلات والجماعات الوطنيهة.
وكانت صورة ابن عبد الكريم لا يكاد يخلو منها بيت اي واحد من المخلصين الى جانب صورة محمد الخامس رحمهما الله.
وكان احد طلبتنا في الشرق العربي قد جاءنا بنشيد حرب التحرير الريفية الذي نظمه الشاعر الفلسطيني ابراهيم طوقان رحمه الله:
في ثنايا العجاج والتحام السيوف
بينما الجو داج والمنايا تطوف
يتهادى نسيم فيه ازكى سلام
نحو عبد الكريم الامير الهمام
ريفنا كالعرين نحن فيه الأسود
ريفنا نحميه
الى اخره.. فأصبح نشيدنا في خلواتنا واجتماعاتنا الخاصة والعامة وفي مهرجاناتنا ومظاهراتنا في الشارع، وفي السجون والمعتقلات.
وعندما زرناه رحمه الله في بيته بالقاهرة حييناه به قبل السلام عليه فاغرورق عيناه بالدموع، وتأثرا تأثرا كبيرا رحمه الله
.
وقد اغتنمت فرصه الاحتفال بذكرى مرور 40 يوما على وفاة شيخنا السلفي ابي شعيب الدكالي رحمه الله سنه 1937 ميلاديه للتحدث عن سلفية ابن عبد الكريم الخطابي واستخدامه مجموعة العروة الوثقى للسيد جمال الدين الافغاني ومحمد عبده رحمهم الله في الدعوة الى الثورة
.
ولم تغفل الحركة الوطنية عن المطالبة بتحرير عبد الكريم في كل مناسبة من المناسبات وعندما سنحت لها الفرصة بمروره في قناة السويس في طريقه الى فرنسا هيأت له الوسائل للفرار من أيدي آسريه والنزول في ارض الكنانة
.
تأثير الحرب الريفية في انحاء العالم الاسلامي وتهديدها للاستعمار في كل مكان
ولم يقف تأثير حرب التحرير الريفية عند المغرب وحده، بل انه تجاوزه الى جميع العالم الإسلامي، بل وجميع البلاد المستعمرة.
لقد كتب ليوطي الى دولته في شهر اكتوبر سنه 1924 يذكر ان العالم الاسلامي بأكمله يرقب الحرب الدائرة رحاها في منطقة الحماية الاسبانية بكل اهتمام وان الثورة الريفية تهدد نفوذ كل الدول الاوروبية ذات المصالح الاستعمارية في البلاد الاسلامية وهي تهدد فرنسا في شمال افريقيا بأكملها وتهدد بريطانيا في ممتلكاتها الإسلامية، وحتى في الهند!
وقد اخبرني الكاتب الاسلامي الجزائري مالك بن النبي انه كتب مناشير الصقها في احد مساجد الجمعة بقسطنطينة يدعو فيها الجزائريين للامتناع عن التجند في الجيش الفرنسي لمحاربة المجاهدين المغاربة في الريف
.
وقد قال شعراء العرب كثيرا من الشعر في حرب التحرير الريفية وخصوصا في العراق والكويت وفلسطين
.
والف رشدي صالح ملحسن من نابلس بفلسطين سنه 1343 ه (سيرة الامير محمد بن عبد الكريم الخطابي، بطل الريف) واهداه الى شباب الامة العربية وفتيان الجزيرة
.
وقد جاء في اخر مقدمة الكتاب (فاذا ذكرت الشعوب التي جاهدت لحفظ كيانها وقدمت أعظم الضحايا كان الشعب العربي في بلاد المغرب في طليعة تلك الشعوب التي خلدت صفحة مجيدة في تاريخها.) والكتاب مطبوع في المطبعة السلفية في القاهرة في 90 صفحة
.
وعقد رجل الاسلام الخالد الامير شكيب ارسلان رحمه الله في تعاليقه على ترجمة كتاب حاضر العالم الاسلامي فصلا اضافيا عن ابن عبد الكريم قال فيه: (اذا نظر الناس بعين الانصاف يجدونه بطل العصر الحاضر بين جميع الأمم، لا بين المسلمين وحدهم!)
ثم عقد مقارنة بينه وبين كل من المارشال فرش والمرشال هند نبورغ ومصطفى كمال، ولنين وفضله عليهم اجمعين
!
وكانت كتابة الامير شكيب لهذا الفصل قبل ان تهاجم فرنسا ابن عبد الكريم وبخوض الحرب ضد جيوشها وجيوش اسبانيا مجتمعين والطيارين الامريكيين المتطوعين
!
اجمال نتائج الحرب الريفية
و هكذا يمكننا ان نجمل بعض ما استفاده المغرب من قيام حركة التحرير الريفية في النتائج التالية:
1- القضاء على السمعة السيئة التي نشأت للمغرب في الخارج نتيجة لعصور الفتن وما أعقبها من اعلان الحماية
.
2- ايقاظ الوعي الوطني لدى المغاربة، وشعورهم بواجبهم في العمل على تحرير بلادهم
.
3- إعادة الثقة بالنفس لدى المغاربة، بالقضاء على أسطورة العدو القوي الذي لا يقهر
.
4- القضاء على فكرة مشروعية الوجود الاجنبي في المغرب، وشعور المخلصين ان الواجب هو العمل للقضاء على هذا الوجود
.
5- اليأس من امكان حصول اي خير للمغرب عن طريق التعاون مع المحتل الأجنبي
.
6- التنبه لما كان لضعف الوعي الوطني لدى بعض المغاربة من أثر في اخفاق حرب التحرير والاقتناع تبعا لذلك بوجوب العمل على تقويه الوعي الوطني وتنظيمه، وتقوية خلق التضحية وانكار الذات لدى المواطنين
.
7- فضح الدجاجلة الخائنين، ورواج كتب السلفية الداعية الى الدين الصحيح ومحاربة البدع مما قضى على مفعول دعاياتهم لصالح الأجنبي
.
8- شعور المغاربة بان قضية التحرير الوطني هي القضية الاولى الأساسية، وان ما عداها ثانوي وتبع لها
.
9- استعادة المغرب مركزه التقليدي في توجيه الامم وقيادة الشعوب. فقد نجحت ثورة التحرير الريفية في القضاء على روح اليأس لذى بقية الامم المستعمَرة، واقناعها بان في امكانها ان تتحرر بوسائلها الخاصة عن طريق التضحية والمقاومة والاعتماد على حرب العصابات، وقد استحدث المجاهدون الريفيون في هذا الميدان بفطرتهم السليمة وذكائهم الحاد اساليب ما تزال موضع عنايه المتخصصين في هذا الموضوع
.
إحياء ذكرى الرجل الفكرة
وقبل انهاء هذا العرض لابد من الإشارة الى ان الرجل الذي يصير اسمه علما على فكرة من الافكار لا يكفي في تكريمه واحياء ذكراه بناء قبة على ضريحه ولا تسمية الشوارع والمدن باسمه، ولا اقامة مهرجان بمناسبه ذكراه الاربعين او السنوية، وما اشبه ذلك، بل يجب طبع مذكراته، وكتابة سيرته واخباره ودراستها في المدارس حتى تستفيد منها الاجيال المتعاقبة.
ويجب اكثر من ذلك واهم، الإخلاص لفكرته ومواصلة العمل الدائب لتحقيق ما لم يتحقق منها.
ونحن ما تزال في بلادنا جيوب للاستعمار يجب تحريرها، ورواسب للاستعمار يجب للقضاء عليها، كالاستعمار الديني والفكري، واللغوي، والتشريعي، والفلاحي، والاستغلال الاقتصادي، والانحلال الخلقي، وذلك ما لا يزال دينا في عنق الامة - وخصوصا المخلصين الواعين منها - يجب عليها تحقيقه تكريما لمجاهديها واحياء لذكراهم.
رحم الله فقيدينا العظيمين، وتغمدهما برحمته الواسعة، وبارك في اشبالهما الكرام، واحسن عزائهم وعزائنا وعزاء الامه جمعاء.
ملخص مراحل الدعوة إلى الاستقلال
من خلال العروة الوثقى لمحمد عبده وجمال الدين الأفغاني
إنتاج الذكاء الاصطناعي
"العروة الوثقى" كانت جريدة أسسها جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده عام 1884 في باريس، وكانت منبرًا للدعوة إلى الإصلاح والثورة ضد الاستعمار والاستبداد في العالم الإسلامي. فيما يلي ملخص لمراحل الدعوة إلى الثورة من خلالها:
1. التوعية بالأخطار الخارجية والداخلية
حذرت "العروة الوثقى" من الاستعمار الأوروبي (خاصة بريطانيا وفرنسا) وسياساته في تقسيم العالم الإسلامي.
نبهت إلى التخلف الداخلي والانقسامات بين المسلمين وضعف الحكام أمام الأعداء.
2. الدعوة إلى الوحدة الإسلامية (الجامعة الإسلامية)
ركزت على ضرورة توحيد صفوف المسلمين تحت راية الإسلام لمقاومة الاستعمار
.
نادت بالتضامن بين الدول الإسلامية مثل الدولة العثمانية ومصر والهند ضد العدو المشترك
.
3. النقد الجذري للاستبداد والحكام
هاجمت الحكام المسلمين المتعاونين مع المستعمرين أو الحاكمين بالظلم.
دعت إلى إصلاح الأنظمة السياسية على أساس الشورى والعدل
.
4. الدعوة إلى الإصلاح الديني والفكري
طالبت بتجديد الخطاب الديني لمواكبة العصر ورفض الجمود والتقليد الأعمى
.
شجعت على تبني العلوم الحديثة مع الحفاظ على الهوية الإسلامية
.
5. الحث على المقاومة والجهاد
دعت الشعوب الإسلامية إلى الثورة ضد المحتلين، كما في حالتي مصر والسودان ضد البريطانيين
.
أكدت أن الجهاد ليس فقط عسكريًا بل أيضًا فكريًا وثقافيًا لبناء الأمة
.
6. استخدام الصحافة كأداة للتغيير
استغلت "العروة الوثقى" كوسيلة لنشر الأفكار الثورية في العالم الإسلامي رغم منعها في كثير من الدول
.
حرصت على مخاطبة النخبة والعامة بلغة واضحة ومؤثرة
.
النتيجة والتأثير
رغم قصر عمر الجريدة (8 أشهر فقط)، إلا أن أفكارها انتشرت وأثرت في حركات التحرر والإصلاح لاحقًا، مثل الثورة العرابية في مصر والحركات المناهضة للاستعمار في الهند والعالم العربي
.
هذه المراحل تعكس رؤية الأفغاني وعبده لربط الإصلاح الديني بالتحرر السياسي والاجتماعي
.
كيف لجأ الأمير الخطابي إلى مصر
بقلم الدكتور يوسفي الكتاني
في العشرينيات من القرن الماضي، كانت وضعية المنطقة ليست بالهينة: المغرب تحت الحماية والجزائر مستعمَرة منذ حوالي قرن ونصف. وموازين القوى الحربية أضحت لصالح الاستعمار، خصوصا بعدما فضل المجاهد الأمير محمد بن عبد الكبير الخطابي الاستسلام والحفاظ على أرواح الأبرياء.
فنشأت الحركة الوطنية بعد نفي الأمير الخطابي متأثرة به ومستفيدة من تجربته ومبدعة منهجا جديدا بناء على فكر مستقل تربى عليه قادتها في جامع القرويين على يد ثلة من المجددين نذكر من بينهم الشيخين بلعربي العلوي وأبو شعيب الدكالي الذَين تأثرا بالثورة الفكرية التي نشأت في الشرق في القرن التاسع عشر.
وأصبح من الضروري آنذاك التفكير في منهج مختلف عن أساليب المقاومة المسلحة التي برزت في البلاد الإسلامية عامة وفي مختلف جهات المغرب خاصة، دون الوصول إلى زعزعة استقرار المستعمر.
شرع قادة الحركة الوطنية في عمل تدريجي لتنفيذ منهج شمولي يهيٍئ كل الظروف اللازمة لترسيخ النضال الفعال والمؤثر على سياسة المستعمر، مما يضم توعية الشعب وإشراكه في مختلف المراحل من خلال الخلايا السرية، وخصوصا التمدرس الحديث للشباب بحيث كان يستحيل استدراك الفوارق المعرفية مع المحتل دون قفزة نوعية ممتازة لمكون الشباب -ذكورا وإناثا- فأُنشأت المدارس الحرة لتركيز القيم في الابتدائي وآمن محمد الخامس رحمه الله بأهميتها فشجعها بل أصبح رائدها.
أما تدريس الفتيات فكان في أول الأمر ممنوعا من طرف إدارة المستعمر، فتعلم الفوج الأول سريا قبل أن تتراجع الإدارة على المنع.
التحقت أولى الفتيات حينئذ مباشرة بالتعليم الثانوي وأذكر من بينهن الدكتورة زهور الأزرق التي أتمت تعليمها بالسربون حسب ما جاء في المطوية التي هيأتها اللجنة التنظيمية – من حزب الاستقلال – لحفل تأبين المرحومة زهور الأزرق.
فتخرجت من بينهن العالمات، وأخرى تأثرن في تعليمهن الثانوي الفرنسي ثم الجامعي بالفكر الأوروبي الليبرالي أو اليساري. فأصبحت المرأة المغربية مبكرا أستاذة ومحامية وإلخ…
وشاعت فكرة تمدرس الفتيات وأصبحت طبيعية بعد أن كانت غير عادية بل مرفوضة حتى من طرف المجتمع المغربي، كما جاء في كتاب “أحلام نساء” بالفرنسية لفاطمة المرنيسي (4)، على أن أكابر عائلة المرنيسي اجتمعوا حينها للحسم في السماح أم لا للطفلة فاطمة بالالتحاق بمدرسة مولاي إبراهيم الكتاني.
ثم في أواخر الثمانينيات زارت الأستاذة الجامعية المرنيسي أستاذها محمد إبراهيم الكتاني وطلبت منه –بفكر المتخصصة في نضال النساء، رحمها الله– ما السبب في حرص قادة الحركة الوطنية، وكلهم ذكور خريجي القرويين، على تكوين الفتيات؟ فأجابها على أنه الوعي باستحالة النهوض بالمجتمع، ونساءه –مربيات الأجيال– أميات.
ثم هاهن الأمهات حاليا – وقد عشن جيل الصحوة – كثير منهن تكلفن بمختلف المسؤوليات وكذلك بدعم تعليم أبنائهن بل حتى أبناء جيرانهن.
نسق قادة الحركة الوطنية مع جمعية علماء الجزائر ففتحت هنالك المدارس الحديثة في الثلاثينيات مما كان له بدون شك تأثير على حوادث مسار تحرير الجزائر مع جيل متخرجي هذه المدارس، بلغ أشده في الستينيات بعد أكثر من قرن ونصف من المحاولات الجهادية المنحصرة على المعارك المسلحة ضد الاستعمار، والتي لم تحقق هدفها المنشود.
وكانت الحركة الوطنية تنسق العمل باستمرار – ومنذ بدايتها – مع جلالة الملك محمد الخامس وكان بينهما تبادل كامل للثقة.
وفي استجواب بجريدة العلم (5) أشار محمد ابراهيم الكتاني إلى تركيزه على هذه الحقيقة مع رفقائه في جمعية علماء الجزائر حيث كان مبعوثا من حزب الاستقلال للتنسيق معها حول النقط الأساسية كالتدريس الحديث للأطفال والتفاعل مع الانخراط الفعلي الخالص لجلالة محمد الخامس في الكفاح ضد الاستعمار.
لعبة الشطرنج
وفي هذا السياق إليك أخي القارئ مثال حي للعبة الشطرنج التي تميزُ أسلوب الحركة الوطنية: قد بلغ إلى قادة الحركة نبأ ترحيل محمد بن عبد الكريم الخطابي إلى فرنسا وأن الباخرة التي تنقله ستقف في طريقها بمصر في ميناء السويس ثم بور سعيد – كما جاء في مقال مفيد وغني بموقع دليل الريف(6) مبني على مراجع موثقة من النبذة الذاتية للكاتب والصحفي الفلسطيني محمد علي الطاهر- فبادر إلى لقائه ثلة من رجال الحركة الوطنية لإقناعه بضرورة قبول اللجوء السياسي في مصر الشقيقة. ومما جاء في المقال أن عملية التهريب كان يتزعمها الملك فاروق رحمه الله شخصيا، لكن إقناع الأمير بقبول فكرة اللجوء السياسي كان من اللازم أن ينبني على دواعي وقيم عليا كالمصلحة العامة لبلاده. وقد لخص والدي حديث الوطنيين مع الأمير على الباخرة بما مفاده: أيها الأمير نحن من يجاهد الآن في ساحة الكفاح ونعمل بتنسيق تام مع محمد الخامس بل إن خطتنا بأكملها مبنية على هذا التوافق التام معه. فإذا ما أنت وصلت إلى فرنسا ستستغلك رئاستها للضغط على جلالته وتهديده باستبداله بك إذا رفض الاستجابة لمطالبها وربما ستفشل خطة الحركة الوطنية بأكملها، فاستجاب رحمه الله تقديرا للحركة الوطنية ولجلالة الملك محمد الخامس. كما أن مقال محمد علي الطاهر يُذَكر بأن هذا الأسلوب الماكر سبق لفرنسا أن استعملته لإبعاد السلطان المغربي من الحرب التي شنتها في القرن التاسع عشر على الأمير عبد القادر بالجزائر، وصدق رسول الله ص حيث قال “الحرب خدعة”.
ثم تكَون جيش التحرير بالمغرب وبقي تنسيق قادة الحركة الوطنية مع محمد الخامس جاريا، وجاء نفيه رحمه الله مما أدى إلى ثورة الملك والشعب وإلى واستقلال البلاد.
ومما قال لي والدي رحمه الله – معلقا على هذه الأحداث – “لما أخذت فرنسا محمد الخامس إلى المنفى شعرنا بخطئِها وبقرب انتصارنا. إنا كنا نلعب الشطرنج مع فرنسا”.
ومما جاء في كتاب الدعوة إلى استقلال الفكر في الإسلام: “وبسبب هذا الاستقلال في التفكير الذي يتسم به قادة الحركة وموجهوها، وبسبب فقدان هذه العقلية المستقلة؛ عجز من عجزوا من مقلدة القديم أو الحديث، أو الشرق أو الغرب، عن فهم الحركة المغربية، ومسايرتها، والتفاعل معها
إن أسلوب الحركة الوطنية منبثق من نظام استقلال الفكر الثابت في أصول الدين الإسلامي وهو ما يؤصل له كتاب “الدعوة إلى استقلال الفكر في الإسلام” الذي يؤكد بإلحاح أن الاستقلال الفكري هو الطابع الأصيل في المجتمع الإسلامي، وأن التقليد هو الانحراف والخروج عن الصراط المستقيم، وأنه ليس أدل على ذلك من القرآن الكريم ومن الوقائع التاريخية العملية التي تضمنتها كتب السنة النبوية.
ومما جاء في الكتاب: “…لكن بقي التفكير الديني في المجتمع الإسلامي في جمود طويل حتى جاءت الثورة الفكرية العنيفة التي أحدثها الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده رحمه الله فنسف بها أسس التقليد والتعصب والجمود، وأعاد الفكر الإسلامي إلى حظيرة القرآن الكريم، بعد أن أعرض المسلمون عنه القرون الطوال، مما هيأ للفكر الإسلامي المعاصر أن يربط حاضره بماضيه المجيد، ويساير التطور الحديث في دائرة روح الإسلام وأسسه الخالدة، في غير جمود ولا جحود”. حتى قال الباحث الجزائري الأستاذ مالك بن النبي في رسالته التي ترجمت للعربية باسم: “مستقبل الإسلام”: “إن العالم الإسلامي في الوقت الحاضر، في كل ما حققه وما يسعى لتحقيقه، من صنع الشيخ محمد عبده ومدرسته
المراجع
(1)
إحياء أعلام المغرب.. “الدعوة إلى استقلال الفكر في الإسلام” كتاب علمي للعلامة محمد إبراهيم الكتاني
(2) :
الدعوة إلى استقلال الفكر في الإسلام من الكتاب وسيرة الرسول العلمية وصحابته الكرام. مطبعة شمس برانت – الرباط – 2018
(3) :
Rêves de femmes, Fatima Mernissi, Albin Michel 1998
(4) :
جريدة العلم بتاريخ 25 أبريل 1983
(5)
موقع دليل الريف
مقال هوية بريس
